السُّلطان صلاح الدين الأيوبي

السلطان صلاح الدين الأيوبي كان رحمه الله أشعري العقيدة شافعي المذهب (589هـ)، كان له اعتناء خاص بنشر عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله فقد قال السيوطي ما نصه [الوسائل إلى مسامرة الأوائل (ص/15 ) ] : “فلـما وَليَ صلاح الدين بن أيوب أمر الـمؤذنين في وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية ، فوظف الـمؤذنين على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا ” أي إلى وقت السيوطي الـمتوفى سنة (911هـ) .
ولـما كان للسلطان صلاح الدين الأيوبي هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري ألف الشيخ الفقيه النحوي محمد بن هبة الله رسالة في العقيدة وأسماها ” حدائق الفصول وجواهر الأصول ” وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في الـمكاتب ، وصارت تسمى فيما بعد ” بالعقيدة الصلاحية ” . ومما جاء في هذه الرسالة [أنظر حدائق الفصول ( ص/10)] :
وَ صَانِـعُ العَالـم لاَ يَحْوِيـهِ
قُطْـرٌ تَعَالَى الله عَـن تَشْبِيهِ
قَدْ كَانَ مَوْجُوداً وَلاَمَكَاناَ
وَحُكْمُـهُ الآنَ عَلَى مَا كَانَـا
سُبْحَانَهُ جَلَّ عَن الـمكَـانِ
وَعَـزَّ عَن تَغَيُّـرِ الزَّمَــانِ
فَقَدْ غَلا وَزَادَ في الغُلُـوِّ
مَـنْ خَصَّـهُ بِجَهَـةِ العُلُـوِّ
وَحَصَرَ الصَّانِعَ في السَّمَاءِ
مُبْدِعَهَا وَالعَرْشُ فَـوْقَ المـاءِ
وَأَثْبَتُوا لِذَاتِهِ التَّحَيُّــزَا
قَد ضَلَّ ذُو التَّشْبِيهِ فِيمَا جَوَّزا

معنى ذلِك أن خالقَ العالم لا تحويهِ جهة لأنهُ مُنـزهٌ عن التشبيه
اللهُ تعالى كانَ موجودًا قبلَ المَكان ولم يكُن في الأزلِ فراغٌ ولا سماءٌ ولانورٌ ولا ظلام،
اللهُ لا يتغير، فكما كانَ موجوداً قبلَ المكانِ بلا مكان لا يزالُ بعدَ خلقِ المكان موجودًا بلا مكانٍ ولا جهة. ويقول إن الله تعالى مُنـزهٌ عن أن يكونَ في مكان ومنـزهٌ من أن يجري عليهِ الزمان
ويقول إن من الغلو أي مُجاوزة الحد أن يصف المرء اللهَ بأنهُ في جهة العلو
لأن الجِهات بالنسبةِ إلى ذات الله كلٌ على حدٍ سواء، اللهُ غني عنها وعن سائر المخلوقات، فالسماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، هذهِ هي عقيدةُ كل المُسلمين وهي عقيدةُ الرسول والصحابة ومن خالفها فهو من الضالين.