“مَن وصفَ الله بمعنىً من مَعاني البشرِ فقَد كفرَ”

 

قال سيدنا علي رضي الله عنه : “سَيَرْجِعُ قَومٌ مِن هذه الأمّةِ عند اقْتِرَابِ الساعة كفارًا، فقال رجلٌ: يا أمير المؤمنينَ: كفرهم بماذا، أبالإحداث أم بالإنكار؟ فقال: بل بالإنكار، يُنكرُونَ خَالِقَهُمْ فَيَصِفُونَهُ بالجِسْمِ و الأَعْضَاءِ”. [كتاب  نجمالمهتدي ص 588].

كما نقل بن حجر الهيتمي في المنهاج القويم عن الأئمة تكفيرهم للمجسّم فقال في ص 144 ما نصّه : ” و اعلم أنَّ القرافيَّ و غيرَهُ حكَوا عن الشافعيِّ و مالكٍ و أحمد و أبي حنيفة القولَ بكُفرِ القائلينَ بالجهةِ و التجسيمِ”، أي بكُفرِ مَنْ يَنْسُبُ إلى اللهِ سبحانَهُ و تعالَى الجسميّةَ أو الكونَ في جهةٍ أو مكان لأنَّ كلَّ ذلكَ من معاني البشرِ.

فمن اعتقد أنّ اللهَ جسم أو شبَّههُ بالأجسام و لو صفة من صفات الأجسام فهو مشبِّهٌ مجسِّمٌ و المجسِّم كافر. و أماّ الأجسام فقسمان : إمّا كثيفة و هي ما تُضبط باليد كالعرش و الإنسان و الشجر و الشمس و الماء و إمّا لطيفة و هي ما لا تُضبط باليد كالنور و الظلام و الروح و الهواء و الملائكة. و أمّا صفات الأجسام فهي كالتغيّر و الإنتقال و الحركة و السكون و الإتصال و الإنفصال و الإنفعال و القعود و الجلوس و التحيّز في المكان و الجهة.

و قد ذكر الإمامُ السَّلَفِىُّ أبو جعفر الطحاويُّ في عقيدته التى بَيَّنَ أنّها بيانٌ لعقيدةِ أهلِ السنَّةِ و الجماعةِ أنّ “مَن وصفَ الله بمعنىً من مَعاني البشرِ فقَد كفرَ” و الجسميةُ و التركيبُ و الصورةُ و الهيئةُ كلُّ ذلكَ من معاني البشرِ، فمَن نسبَ إلى اللهِ شيئًا من ذلكَ كافرٌ قَطْعًا، و قد قالَ الإمامُ أبو الحسنِ الأشعريُّ في كتابِ النوادرِ : “مَن اعتقدَ أنَّ اللهَ جسمٌ فهوَ غيرُ عارفٍ بربّهِ وإنهُ كافرٌ بِه”.

فطريق النجاة أن تعتقد أن الله تعالى موجود بلا مكان و لا جهة و لا يشبه المخلوقات و لا تشبهه المخلوقات، ليس بِذِي صورةٍ و لا بِذِي هيئةٍ و لا بذي شكلٍ و لا بذي لونٍ، موجودٌ أزلاً و أبدًا بلا مكانٍ و لا يجري عليه زمان.

فقد قال سيدنا أبي بكر رضي الله عنه : ” العجز عن دَرَكَ الإدْرَاكِ إدْرَاكُ و البَحْثُ عن ذاتِهِ كُفْرٌ و إشْرَاكُ “، المعنى أنَّ الإنسان إذا عرف الله تعالى بأنه موجود لا كالموجودات، موجودٌ بلا مكانٍ و لا كيفيةٍ، و اقتصر على هذا و لم يبحث عن ذات الله تعالى للوصول إلى حقيقة الله فهذا إيمان، هذا رشدٌ و إيمان و صواب.

الذي يكتفي بأنَّ الله تعالى موجودٌ لا يُشبه الموجودات لا يُتصور في حقِّه مكاناً و لا هيئة و لا صورة بل اكتفى بأن يعتقد أنَّ اللهَ موجودٌ لا يُشبهُ الموجودات، موجود بلا كيفية و لا مكانٍ، اقتصر على هذا، و قَنِعَ و رضِيَ بذلك هذا يقال : عرف الله.

أما الذي لا يكتفي بذلك و يريد أن يعرف حقيقته فيتصوره كإنسان أو ككُتلة نورانية أو نحو ذلك أو يتصوَّره جسماً قاعداً فوق العرش فهذا كفر بالله تبارك و تعالى. هذا معناه : و البحث عن ذاته كفر و إشراك.

أخي المسلم، أختي المسلمة من اعتقد أنّ الله تعالى يسكن السماء أو يتحيز في مكان أو يُشبِهُ المخلوقات أو تُشبِهُهُ المخلوقات لا يكون من المسلمين بل يجب عليه أن يعتقد أنّ الله تعالى موجود بلا مكان موصوفٌ بكل كمال يليق به مُنزَّه عن كل نقص في حقِّه و يتشهد فورا للدخول في دين الإسلام بقوله : أشهد أن لا إله إلا الله