العقيدة المنجية

 العقيدة المنجية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رســول الله محمد :
اعلَم أنّ عقيدةَ المسلمينَ سَلفاً و خَلفاً بلا
شكّ و لا رَيب أن الله سبحانه و تعالى هو خالق العالم، قائم بنفسه مستغن عن كل ما
سواه،فكُلّنا نحتاج إلى الله ولا نَستغني عنه طَرفة عَين، والله تعالى لا يحتاج لشَىء
مِن خَلقِه، ولا يَنتفع بطاعاتهم ولا يَنضرّ بمعاصِيهِم ولا يحتاج ربُّنا إلى محَلٍ
يَحُلُّهُ ولا إلى مكانٍ يُقِلُّهُ، وأنّه ليس بجسم ولا جوهرٍ.واعلم أنّ الحركة
والسكونَ والذّهابَ والمجيءَ والكونَ في المكان، والاجتماع والافتراق، والقُربَ
والبُعْدَ مِن طريق المسَافةِ والاتصال والانفصال والحجم والجِرمَ والجُثّة
والصورةَ والشكل والحيز والمقدار والنواحي والأقطار والجوانب والجهات كلها لا تجوز
عليه تعالى لأن جميعَها يُوجبُ الحدّ والنهاية والمقدار ومَن كانَ ذا مِقدار كانَ
مخلوقاً، قال تعالى:{ وَكُلُّ شَىءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ(8)} ]سورة الرعد.واعلَم أن كلَّ ما تُصُوِِّرَ في الوَهم مِن طُول وعَرض وعُمق وألوانٍ وهَيئاتٍ يجب أن يُعتَقد
أن صانعَ العالم بخلافه، وأنه تعالى لا يجوز عليه الكَيفيّة والكمّية والأَينِيّة
لأنّ مَن لا مِثلَ له لا يجوز أن يُقال فيه كَيف هو، ومَن لا عَدد لهُ لا يجوز أن
يقالَ كَم هو، ومن لا أوّلَ له لا يقالَ مما كان، ومَن لا مَكانَ له لا يُقال فيه
أَينَ كَان، فإن الذي أيَّن الأَينَ لا يقال لهُ أَين،والذي كيَّف الكَيْفَ لا
يقالُ لهُ كَيفٌ. فالله تعالى مُقدَّس عن الحاجاتِ ، منَـزّه عن العَاهاتِ ، وعن صفاتِ
النّقص والآفاتِ ، مُتعَالٍ عن أن يُوصَف
بالجوارح والآلاتِ والأدواتِ والسُّكون
والحركاتِ ، لا يَليقُ به الحدُود والنّهاياتُ
،ولا تحويه الأرَضُونُ ولا السّمواتُ ولا يجوزُ عليه الألوانُ والمماسّاتُ ، ولا يجرِي
عليه زمانٌ ولا أَوقاتٌ، ولا
يَلحَقُه نَقص ولا زِياداتٌ، ولا تحوِيه الجِهاتُ
السِّتُ كسَائر المبتَدعات، موجودٌ بلا
حَدّ، موصُوف بلا كَيف، لا تتصَوّرُه الأوهامُ،
ولا تُقدّرُه الأفهام، ولا يُشبِه
الأنام، بل هو الموجودُ الذي لا يُشبه الموجودات
واحدٌ في مُلكِه فلا شَريك له.
والله سبحانه وتعالى خالقُ العالَمِ بأَسرِهِ عُلوِيّهِ
و سُفلِيّهِ. والأرض والسموات، قادر على ما يشَاء، فعّالٌ لما يُريد،موجودٌ قبلَ
الخَلق ليس له قَبلٌ ولا بَعدٌ ولا فوق ولا تحت ولا يمينٌ ولا شِمالٌ ولا أمَامٌ
ولا خَلف ولا كُلٌّ ولا بَعضٌ ولا طولٌ ولا عَرضٌ، كانَ ولا مكان، كوَّن الأكوانَ
ودبَّر الزمَان، لايتخَصّص بالمكان، ولا يتَقيد بالزمان، ليسَ بمحدُود فيُحدَّ،
وليس بمحسُوس فيُجَسَّ، ولا يُحَس ولا يُمَسّ ولا يُجَسّ. وكلّ ما كانَ م